قصّة قنطرة بنزرت
عادت الحياة مساء الثلاثاء 19 مارس 2024 من جديد للجسر المتحرك ببنزرت وتم رفعه لعبور البواخر العالقة منذ 4 مارس تاريخ آخر حادث تعرض له الجسر حين اصطدمت به باخرة شحن تسببت في أضرار على مستوى الهيكل العلوي دون أن تؤثر على مكوناته الرئيسية.
وحادثة 4 مارس ليست الأولى من نوعها بل سبق ان تعرض الجسر على امتداد 44 سنة إلى 15 حادثة أبرزها حريق 26 جويلية 2023 والذي تسبب في توقف رفع الجسر لمدة 4 أشهر قبل أن تقوم كفاءات تونسية بإصلاحه.
هذا الجسر الفريد في تونس شكّل إنجازه ثورة في مجال المواصلات في نهاية السبعينات ولكن مشاكله كثرت خاصة في السنوات الأخيرة مما جعل وزارة التجهيز تعمل على صيانته لضمان استدامته إلى غاية 2080.
موزاييك بحثت في تاريخ هذا الجسر حيث إلتقت بمنير حمدي مهندس كهرباء ميكانيك متقاعد خبير لدى المحاكم كان ضمن طاقم المهندسين الذين أشرفوا على انشاء الجسر وحدثنا عن بداية مشروع انجاز قنطرة بنزرت، قائلا " في منتصف السبعينات بدأت الدولة التونسية تبحث عن حلول لربط ضفتي القنال ببنزرت وتكون انجع من البطاحات، وكانت الدراسات تبحث في إمكانية مضاعفة عدد البطاحات او حفر نفق او انجاز جسر معلق.. ولكن استقر الرأي على انجاز الجسر المتحرك عن طريق نفس الشركة الفرنسية التي انجزت برج ايفل الشهير وهي الشركة الفرنسية للمؤسسات المعدنية (EIFEL) في حين تم إسناد الجزء المتعلق بالتنظيم الإلكتروني إلى شركة CGEE Alsthom محطة توليد الكهرباء إلى SPIE Batignolles، وتم تنفيذ أعمال الهندسة المدنية البحرية من قبل شركة DTP من مرسيليا، وتكفل مكتبSETEC في باريس بمراقبة الاعمال... مجموعة من المهندسين والفنيين الفرنسيين كان علينا كتونسيين أن نتعامل معهم لمدة 24 شهرًا بكل مجاملة بالطبع، ولكن دون أي تنازلات."
وأضاف "بلغت تكلفة إنشاء هذا العمل الجسر 12.000.000 دينار فانطلقت الأشغال في جويلية 1978 وتم التسليم الوقتي للمشروع في 23 مارس 1980 ليتم افتتاح الجسر في 18 افريل 1980 اما القبول النهائي للأشغال فكان في جويلية 1983 بعد ثلاثة سنوات ضمان.. ومنذ هذا التاريخ تكفلت الكفاءات التونسية بأشغال صيانة الجسر وتشغيله لضمان ديمومته بعد الخبرة التي تم اكتسابها واعداد ما يلزم من قطع غيار، حتى انه بعد عامين من تدشينه أضفنا اليه على مستوى الوزن 30 طن ليصبح وزنه 1630 ذلك لضمان توازنه حين يتم رفعه".
من جانبه أكد المهندس بديع بوجمعة رئيس مصلحة صيانة الجسر لموزاييك أنه بالرجوع إلى تقارير مكتب الدراسات الذي تم تكليفه لتقييم مخلفات حادثة 4 مارس بين أنه يمكن اعادة رفع الجسر مع تواصل الاختبارات المعمقة والدراسات للقيام بالتدخلات المستوجبة.
وأوضح أنه بعد حريق جويلية 2023 تم تطوير تجهيزات الجسر على مستوى المنظومة الاوتوماتيكية ومنظومة مقاومة الحرائق والشبكة الكهربائية وتجري حاليا دراسات للنظر في السبل الكفيلة لضمان بقاء الجسر إلى غاية 2080.
وبالنسبة إلى الحركة فوق الجسر فقد أوضح رئيس مصلحة الصيانة المهندس بديع بوجمعة أن الجسر يضمن يوميا عبور حوالي 80 ألف سيارة في الاتجاهين ويتم رفعه بمعدل 700 رفعة تقريبا في السنة لضمان عبور أكثر من 1000 باخرة بين تجارية وسياحية وعسكرية.




*مراد الدلاجي